سعد بن أبي وقاص خطبتي جمعة ج1 ج 2

يقول يا رسولَ الله إذا وجدت في العرب أرمى مِنِّي فأخبِرنِي بهِ . نامَ رضي اللهُ عنهُ وأرضاه ليلةً من الليالي , والحديثُ عن عائشة عندَ البخاري ومُسلم والترمذِي والحاكم , فأخذ صلى الله عليه وسلم يتقلـَّبُ في المنام , قالوا : كان في سفر , وقيل كان قريبٌ من خيبر , وبعضُ أهلُ العِلم يقولُون في المدينة , كان بِلا حِراسة , والحاقدينَ كثير , والذين يطمعون في دمِهِ صلى الله عليه وسلم أكثر , قال ليتَ رَجُلا ً صالحا ً من أصحابي يحرِسُني هذهِ الليلة , قالت عائشة فما انتهى صلى الله عليه وسلم من كلامِه إلا وقعقعة السلاح عِندَ الباب , قال صلى الله عليه وسلم : مَن ؟ قال سعدُ ابنُ أبي وقـَّاص , قال بارك اللهُ فيك , فحَرَسَهُ حتَّى الفجر , فأنزلَ اللهُ بعدَ الفجر : ( يايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلـَّغتَ رِسالتَه والله يعصِمُكَ من الناس ) بلِّغِ الرسالة وأدِّ الأمانة , ولن تُقتل , بلـِّغ ِ الرسالة , وأوضِح ِ المنهج , ولكَ علينا عهدٌ وميثاق لا يصل إليكَ أحد , ولن تـُغتال , ولا يَقتـُـلـُـكَ أحد , فلا تمش ِفي حِراسة
نُصِرتَ بالرُّعبِ شهرا ً قبلَ موقِعـةٍ كـأنَّ خَصمَكَ قبلَ القتل ِ في حُـلـُم ِ
إذا رأوا طـَفـَـلا ً في الجـوِّ أذهَـلـَـهُـم ظنَّوكَ بينَ فلول ِ الجيش ِ والحشم ِ
وإن أتوكَ ضيـوفٌ يـطلِـبـون قِــرى رأوكَ بحـرا ً يـعـمُّ البـيـدَ بـالـدِّيَـم ِ
أمسيتَـَـهُم حـاتَِـمَ الـطـائـي ومُـحـتَـدرُ وحدَّثوا كُـلـَّـهُم بالـبُخل ِ عن هَرِم ِ
كــأنـَّـــه ُ وهوَ فردٌ فــي جـلالـَـتِــــهِ فـي موكب ٍحـينَ تلقاهُ وفي حَشـَم ِ
بَـلـِّـغ ِ الرسالة ولا تخشَ أحد , تعرَّض عليهِ الصلاةُ والسلام لإحدى عَشْرة َمُحاولة َاغتيال باءَت بالفشل , لماذا ؟ واللهُ يعصِمُكَ من الناس , وللحديثِ بقيَّة نترُكهُ للخطبةِ القادمة بإذن ِ الله .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم , ونفعني وإياكم بهدي سيّد المرسلين , أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولوالديّ ولوالديكم , ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنـَّه هو الغـفورُ الرحيم .
الحمدُ للهِ العليِّ الكبير, اللهمَّ لكَ الحمدُ أنتَ نورُ السماواتِ والأرض ِ ومن فيهنَّ ولك الحمد , أنتَ مَلـَكُ السماواتِ والأرض ِ ومن فيهنَّ ، ولكَ الحمد , أنت إله السماواتِ والأرض ِ ومن فيهنَّ ، ولك الحمد , أنت الحقُّ ، ووعدُكَ حقٌّ , والجنـَّة ُحقٌ ، والنارُ حق ، والنبيُّونَ حق ، ومحمدٌ (صلى الله عليه وسلم) حق . والصلاة ُ والسلامُ على المبعوث ِ رحمة ً للعالمين , ومنارا ً للسالكين , وقدوة ً للناس ِ أجمعين .
أمَّـا بعدُ عبادَ الله : الله يعلمُ أني ما أذكرُ سير الأنبياء والصحابة والتابعين إلا لتذكير ِ الشباب بانَّ لهم قدوة خلاف أساطين الفن ودعاة الرذيلة من المغنين والمغنيات , واللاعبين و اللاهين .
أيها الناس :
لماذا نرى الأولاد دوما يذكرون اللاعبين , ويمجِّدونهم ويكتبون أسماءهم على ملابسهم وعلى الجدران , ويقتدون بمشيـِهـِم وفعلِهـِم وكلامِهم وحركاتِهـِم أحيانا , لأننا لم نمجِّد رسولَ الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه أمامَهم , ولم نبجـِّل سيرة َالمصطفى عليه الصلاة والسلام , ولم نقرا ونقص على أبنائِنا قصص الرسول والصحابة وما كانوا عليهِ من زهدٍ وورع ٍ وشجاعةٍ وكرم ٍ وأمجاد وبطولات , جعلنا التلفاز هو المعلم والمربي , والذي يظهر على الشاشة هو القدوة , ( ألا إنَّ الله سائلٌ كلُّ من استرعاه رعيَّة عن رعيتِه حفِظَ أم ضيَّع ) و والله وتا الله وبالله لن يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صَلـُحَ به أولـُها , ولن تعود أمجادَ الأمَّة الإسلاميَّة إلا إذا عدنا لخالقنا ,
أصبحتِ الأمَّة مقودة بعدَ أن كانت قائدة , ومسودة بعدَ ان كانت سائدة , أتى عليه الصلاةُ والسلام فملـَّك أتباعَهُ بإذن ِ الله أكثر من ثـلاثة أرباع ِ الكرةِ الأرضيَّة , لمَّا كان عمر وصلاح الدين وسعد كانت أمَّة يهابها الفرس والرومان , ولمَّا أتينا نحنُ جعلنا الأمة في الحضيض , واحسر تاه , وا أسفاه , أحفاد ُمصعبٍ وبلالٍ وعمارٍ جعلوا من المطبِّلين واللاهين والمغنين قدوة لهم
امَّـا كـُنـَّــا بجوف ِالليــل ِ رهبــانـا ً مصلينا وفرسانا ً إذا ما قد دعا للموت ِ داعينـا
فمن لـلأمةِ الغـرقى إذا كـُـنــَّا الـغـريـقـيـنـا ومن للغايةِ الكبرى إذا ضَمُرت أمانينـا
ومن للحـقِّ يجلـوهُ إذا كــلـَّـــت أياديـــنــــا بنـا يـعـلـو مـنارُ الحقِّ في الدنيا ويعلينا
أسـائِـلـُكـم أسـائـِلـُكــم عـسـى يوما ًيوافـيـنا ونـُبرِىءُ فـيـهِ بالإِقدَام يُرمُوكا ًوحِطـِّينا
فما المعنى بأن نحيا فلا نـُحيي بـِنـَـا الديـنا وما المعنى بأن نجترَّ مجدا ماضيا حينا
إذا أردنا الفلاح والنجاح لنا ولأبنائنا فعلينا إخلاء البيوت من المنكرات والملهيات , وملء البيوت بذكرهِ صلى الله عليه وسلـَّم وسيرة صحابته , فليتنا إذ تركنا الأطفال عند أدوات اللهو ليتهم انتفعوا بها وتعلـَّموا منها كيف يُنتجون , لا .. بل ضيَّعوا الدين والدنيا , فهي سبب فشل الإبنُ في حياتِه , وفي مدرستِه , وفي مُجتمَعِه , نرقِعُ دنيانا بتمزيق ِ دينِنـَا فلا دينُنا يبقى ولا ما نُرقـِّعُ .
عبادَ الله : وصلـُّوا على البشيرِ النذير والسراج ِالمنير يقولُ سبحانه (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(الأحزاب:56) اللهم صل على نبيـِّنا وحبيبـِنا وقدوتِنا (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا , وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين وعن سائر ِ صحابةِ رسول الله , وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدّين اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت , اللهم ارحم موتانا وعافِ مبتلانا , اللهم إنَّا نسألك الجنَّة وما قرَّب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول وعمل , اللهم أرنا الحق حقا وازقنا اتباعه وارِنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .
عبادَ الله : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

إنَّ الحمدَ لله , نحمدُهُ ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفـُسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضلَّ له ، ومن يضللْ فلا هاديَ له .
أشهدُ أن لا إلهَ إلا الله ، وأشهدُ أنَّ محمداً عَبدهُ ورسولـُه بعثـُهُ ربُه هادياً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنهِ وسراجاً منيراً ، صلى الله عليه وعلى آلهِ وصحبهِ وسلمَ تسليماً كثيراً.
أشهدُ أنَّ اللهَ حق ، وأنَّ الجنة َ حق ، وأنَّ النارَ حق ، وأنَّ النبيين حق ، وأنَّ محمداً رسولُ الله حق ، أشهدُ أنَّ الدين خالد ، وأنَّ الرسولَ خاتـَم ، وأنَّ الكفرَ خاسر .
أيها المؤمنون عبادَ الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته
(( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))
أمَّا بَعْدُ أيُّها الناس :
فإنَّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله , وأحسنَ الهدي , هديُ نبينُا محمد (صلى الله عليه وسلم) وشرَّ الأمورِ محدثاتـُها وكلَّ محدثةٍ بدعة , وكلَّ بدعةٍ ضلالة , وكلَّ ضلالةٍ في النار .
وما زلنا مع سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه , اختَصَمَ بعضُ الصحابةِ في بعض ِ الأُمور, في مسألة عليٍّ ومُعاوية رضي اللهُ عنهما , فخرجَ سعدٌ إلى الصحراء , فلـَحِقَهُ إبنُـهُ عُمر - هذا الذي شاركَ في قتل ِالحسين ِابنَ علي رضي اللهُ عنهُ – لحِقَ أباه ’ فلمَّا رآهُ سعد قال : اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من شرِّ هذا الراكِب , فأتاهُ في الصحراء وإذا سعد في خيمة يرعى غنما ً, هذا الرجُلُ الذي فتحَ القادسيَّة , ودمَّر إمبراطوريَّة كِسرى , هذا الرجل ِ الذي هو مُهيأ للخلافة , قال : و الذي نفسي بيدِه إنِّي أولى بالخلافة مِنِّي بِهذِهِ الجُبَّة , فيقف إبنُهُ أمامَه , ويقول : يا أبتاه , ترعى الظأنُ والناسُ يختصِمونَ على المُـلك , قال : أُغرُب عَنِّي , فأنِّي سمعتُ الرَّسولَ عليهِ الصلاة ُوالسلام يقول : إنَّ اللهَ يُحبُّ العبدَ الغنيَّ الخفيَّ التقي , هذا الحديث رواهُ مسلم وأحمد , قامَ رجلٌ في المسجِد يسبُّ عليُ بن أبي طالب , وعليٌ قد مات , رجلٌ من الذين يَلـُوغُونَ في أعراض ِ الصَّالِحين , يسبُّ علي , والذي لا إلهَ إلا هو أنَّا نفخرُ أن نذكُرَه في المجالس
فقُل للعُيونِ الرُمدِ للشمس ِ أعينٌ تراها بحقٍّ في مغيبٍ ومطلَع ِ
وسـامِح عُـيونا ً أطـفأ اللهُ نورَها بأبـصارِها لا تستـفيق ولا تع ِ
قال سعدٌ وهو في المسجد لا تَسُـبَّ أخي , قال : واللهِ لأسُبَـنـَّه , فقامَ سعدٌ في طرفِ المسجد وصلـَّى ركعتين , وقال : اللهم أكفِنيه بما شئت , فأرسلَ اللهُ جملا ً من الكوفة ’ أمامَ الناس , فأتى الجمل فاعترض الرَّجُل عندَ بابَ المسجـِد فضربَ الرجُلَ برِجلِهِ فإذا نُخاعُهُ على الأرض ِ ميِّتا ً, أليست إجابَة ُ الدَّعوة , رواهُ احمد وأبو داود وابنُ ماجه وأبو نـُـعَيم , وذكَرَهُ الذهبيُّ .
خرجَ صلى الله عليه وسلم إلى جبل ِأُحُد , صَعِدَ عليه فاهتزَّ الجبل , قال صلى الله عليه وسلم أُثبُت أُحد , فإنما عليكَ نبيٌ أو صدِّيق أو شهيد , رواه احمد وابن ماجه والطبراني , وكان سعد مَعَهُم مع بعض ِالصَّحابة , فكان النبيُّ محمدٌ عليهِ الصلاةُ والسلام , والصِّدِّيقُ أبوبكر , والشهيدُ ’ عُمر ’ عُثمان ’ علي وسعد , ولذلك غالبُ الصحابةِ ماتوا شهداء , مذبوحين في سبيل ِالله , وما ماتَ منهم حتفَ أنفهِ إلا القليل , لأنهم يأنفونَ أن يموت الواحد منهم على فراشه . تأخرتُ أستبق ِ الحياة َ فلم أجد لنفسي حياة غيرَ أن أتقدما
يقولُ سعد : - عندَ أحمد والبُخاري ومُسلِم – رأيتُ رَجُلين ِعن يمين ِالرسول ِصلى الله عليه وسلم , وعن يسارِهِ يومَ أُحُد عليهـِما ثيابٌ بيض , يُقاتِلان ِعنه كأشدِّ القِتال , ما رأيتـُهُما قبلُ ولا بعد , رجلانِ من الملائكة نزلا يقاتلانِ مع الرسول ِ صلى الله عليه وسلم, قال أهلُ العلم ِفي هذا كرامة ٌ لسعد رضي اللهُ عنهُ وأرضاه , فإنَّ الذي يرى الملائكة , أو تُصافِحُه , أو تُسلـِّمُ عليه , أو يسمعُ كلامَ الملائكة , دليلٌ على صدق ِ إيمانه , وقوَّة يقينِه , مَنْ مِنَ البشر يرقى إلى هذهِ المنزلةِ العظيمة؟وعندَ الحاكِم في المُستدرك وصحَحَهُ الذهبي أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم كان مع الصحابةِ في المسجِد,فقالَ يدخُلُ عليكم رجل من أهلِ الجنَّة,فدخل سعد رضي الله عنه في ثلاثةِ أيَّام
روى مسلم وابنُ ماجه وأحمد أنَّ سعد كان من الفقراء , فأتى المشركون إلى الرسول عليهِ الصلاة ُ والسلام , فقالوا لا نجلس معك حتَّى تطرد هؤلاءِ من مجلِسِك , وتـُهيء لنا مَجلساً آخر , فهمَّ عليهِ الصلاة والسلام أن يُخرِجَهُم , فأنزلَ الله : ولا تطردِ الذين يدعون ربَّهم بالغداةِ والعشي يريدون وجهه , قال سعد : نزلت فيَّ وفي ابن مسعود وفي ستةٍ معنا .
وروى مسلم وأحمد في الآية ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ) أنَّ سعداً قال : نزلت فيَّ هذهِ الآية , أُمُّ سعد كانت مُشركة , وأسلمَ إبنُـهَا , فقالت ما هذا الدينُ الذي اعتنقـتـَه ؟ قال : دينُ الحق , يأمُرُني بالصلاةِ والصدق ِوالعفاف والطهر , فأقسمت وحلفت أن لا تأكلُ الطعام حتَّى يعود عن دينه , فأضربت عن ِالطعام , فتركها على ذلك أيَّاما , ثم جلس أمامها , قال : يا أُماه , والذي لا إله إلا هو , لو أنَّ لـكِ مائة َ نفس ٍ, فخرجتْ واحدةً بعدَ واحدةٍ بعدَ واحِدة ما عدتُ عن ديني حتَّى تموتين , فكُلي أوِ اتركي , فأكلت .
وهذا درسٌ لِمن يريدُ التمسُّكِ بدينه فيصدَّهُ صادٌّ من أهلهِ , أو يوصفُ بالتزمّت اوِ التَشدُّد , هذا درسٌ لهم . لِيَعِـش ديني ومعبودي ولـي فكُلي إن شئتِ أو لا تاكُلي .
يقولُ سعد : إشتكيتُ بمكة من مرض ’ فزَارَنِي عليهِ الصلاةُ والسلام , فلمَّا أتاني وضعَ يَدَهُ على صدري فوالـَّذي لا إلهَ إلا هو إنَّهُ لـَيُـخيَّـلُ إليَّ الآن أنِّي أجدُ بردَ يدِهِ على كَبِدِي , بعدَ كم ؟ بعدَ أربعينَ سنة , هذا الحديث رواهُ البُخاري وأحمد ومُسلم والنَسائي .
قال صلى الله عليه وسلم اللهم أشفِ سعداً , فشفاهُ الله .
مَرُضَ سعد فسأل الرسولَ عليه الصلاة والسلام قال : يا رسولَ الله : إنِّي صاحِبُ مال , ولا يَرِثـُنِي إلاَّ ابنة ! فماذا أفعل بمالي ؟ أتصدقُ بكلِّ ما لي ؟ قال :لا , قال : فالشطر , قال : لا , قال فالثُلـُـث ؟ قال : الثـُـلـُثُ والثـُّـلُـثُ كثير , قال ابنُ عبَّاس: ودِدتُ أنَّ الناسَ في الوصيَّةِ خفضوا من الـثـُلـُثِ إلى الرُبُـع لانََّ الرسول عليه الصلاةُ والسلام يقول الثلثُ كثير, ثمَّ قال لهُ صلى الله عليه وسلم إنَّك إن تَدَع ورثـتـَكَ أغنياء خيرٌ لكَ من أن تـَدَعَهُم عالـَة يتكففونَ النَّاس . لا تُذهِبِ المال , لا تنثُرهُ نثرا ً, لا تفرقّهُ في النَّاس ويبقى أبناؤك وبناتُك بعدَك عالة فُقراء يتكففونَ النَّاس , اجمع ِ المال من الحلال , واترك ورثة أغنياء لا يسألون الناس . وفي الحديثِ قال سعد يا رسولَ الله : أُخلـَّـفُ بعدَ أصحابي ! يقول أموتُ في مكة وأنا هاجرتُ إلى المدينة , قال لا .. لعلـَّهُ أن يطولَ بكَ عُمرٌ فينتفِعَ بكَ قومٌ , ويُضَـرَّ بكَ آخرون , اللهم امض ِلأصحابي هِجرتَهم ولا ترُّدّهم على أعقابـِهـِم لكن ِالبائسُ سعدُ أبنُ خوله , يُرثي لـَهُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلـَّـم أن ماتَ في مكة , حديثٌ متفقٌ عليه . قال لـَه هذا مَرَضُـك لن تموتَ فيه , سوفَ يطولُ بكَ عمر, فأطال الله عمره , وزادَهُ من الأولاد , سوفَ يطولُ بكَ عمر إنْ شاءَ الله وينْتَفِع بكَ قوم , قال أهلُ العِلم واللهِ لقدِ انتفعَ بهِ الملايين , فنحنُ الآن منتفعونَ بسعد , فإنِّهُ فتحَ لنا جبهة ً في شَمال ِالجزيرة , ودمَّردولة ً عاتية كادت تأخُذُ الجزيرة َالعربيَّة بغتة , وسحَقَ جَمَاجـِمَ الطُّـغاة , ونشرَ العلم هناك رضي اللهُ عنه , ويُضرُّ بكَ آخرون , تضرر بهِ الفرس وعبدةِ النار حين أوقَعَهُم في النهر بالعشرات ثمَّ سحَقَهم سحقا . روى الحاكِم والتِرمِذي وأبنُ حَبَّان والبزَّار أنَّ الرسول صلى اللهُ عليهِ وسلـَّـم قال اللهم استجِب لِسعد إذا دعاك , فكان إذا دعا استجابَ الله دُعاءَه , كان حتَّى أعداؤه يخافون منه إذا رفعَ يديه , ويقولون اتقِّ اللهَ فينا لا تدعُ علينا , والسببُ العظيم في إجابةِ الدُّعاء طيبُ المطعم , وفي بعض ِالآثار يُروى أنَّ رسولَ الله صلى اللهُ عليهِ وسلـَّـم يقولُ لـَه : يا سعد أطِب مطعَمَكَ تكن مُستَجابِ الدّعوة , فكان دخلـُهُ حلالا ً, ومطعَمُهُ حلالا ً, وملبَسُهُ حلالا ً, ومشربُهُ حلال , فاستجابَ اللهُ لـَه . روى أبنُ سعدٍ في الطبقات والحاكمُ وصحَّحه , قال سعدٌ رضي اللهُ عنه وأرضاه حضرتُ أنا وعَبُدُاللهِ ابنُ جحش في أُحد , أرسَلـَهُ عليهِ الصلاةُ والسلام مع الصّحابة ليقاتل , فقال والذي نفسي بيده لأُرسِلـَنَّ معَكم رُجلا ًصَبورٌعلى الجوع ِوالعطش , فأرسل معهم عبدُاللهِ أبنُ جحش وسمَّاهُ أميرا ً, قال حضرتُ أنا وعبدُالله معركة أُحد فقال عبُدُالله تعالَ ندعو الله يا سعد قبل المعركة , قال أمَّا أنا فقلت : اللهمَّ إنِّي أسألُـك هذا اليوم أن تلاقي بيني وبين عدوٌ لك كافرٍ شديدٌ حردُه , قويٌ بأسُه , فأقتُـلـُهُ وآخذ سلبَه , قال فقام عبدُالله بن جحش بعدي وقال : اللهمَّ إنِّي أسألـُك هذا اليوم أن تلاقي بيني وبين عدوٌ لك , شديدٌ حَرَدُه , قويٌ بأسُه , فَيَقـتُلـَنِي , فيبقُرُ بطني , ويجدعُ أنفي , ويفقأ عيني , ويقطع أُذُنيَّ , فإذا أتيتَكَ يومَ القيامة قلتَ لي : يا عبدَالله لِمَ صُنِعَ بِكَ هذا فأقولُ فيكَ يارب , قال سعد فواللهِ ما انتهينا منَ المعركة إلاَّ وقد قتلتُ كافرا ًوأخذتُ سلبه , وأتيتُ وإذا بعبدِاللهِ أبن ِجحش قد قُتِلَ وبُقِرَ بطنُه , وجُدِعَ أنفُه , وفقئت عيناه ورأيت أُذُناه مُعلـَّقة بخيط , قال سعيدُ أبنُ المسيَّب مُعَلـِّقا : اللهم أتمم لـَه ما سأل .